X

الإخبارية المستقلة لولاية تيبازة

أخبار الجزائر على مدار اليوم

 

فيما تُعتبر محاولة تحويل 26 مسكن عن صيغتها إجحافا واستيلاء على حقّ المواطنين:  إلغاء حي بلميلود بسيدي سميان من زيارة والي تيبازة يثير تساؤل المتابِعين وسخط السكان

أُلغِيَ حي بلميلود ببلدية سيدي سميان من زيارة والي تبيازة أبو بكر الصديق بوستة لبلديات دائرة شرشال، الخميس، رغم أنّه كان إحدى النقاط التي تضمنّها البرنامج الرسمي للزيارة، كما أنّ حي بلميلود لا يبعد عن موقع تدشين شبكة المياه سوى بأمتار معدودات، ما يطرح تساؤلات مبهمة  وسخط مشروع لدى سكان الحيّ الذين يعانون الأمرّين منذ الاستقلال، خصوصا سكان الأكواخ الهشّة، والمحرومين من أدنى شروط العيش الكريم.

وعبّر العديد من سكان الحيّ لشرشال نيوز عن سخطهم لهذا الإقصاء غير المفهوم، حيث انتظروا بشغف وأمل كبير أن يصلهم أوّل مسؤول سامي بالولاية، لعاين عن قرب الظروف القاهرة والتهميش الذي يعانون منه، كأسود نقطة ظلّ في المنطقة بأكملها، كما أنّ عدم لفت رئيس بلدية سيدي سميان مختار خروبي الانتباه نحو هذا الحيّ أثار تساؤلات عديدة عن دور المنتخبين المحليين.

ولم يفهم أحد سبب إقصاء الحي من الزيارة الرسمية التي قام بها والي تيبازة أبو بكر الصديق بوستة نهاية الأسبوع المنصرم، فبعد تدشين قاعة العلاج بدوار إقايداين، واصل الموكب الرسمي طريقه باتّجاه حي بلميلود، غير أنّه غيّر وجهته مباشرة بعد تدشين شبكة المياه، دون أيّ سبب، يمنع الوالي من الاطلاع الميداني عن إحدى مناطق الظلّ الأكثر تضرّرا في الولاية، وكانت شرشال نيوز قد كشفت عشية زيارة الوالي جوانب مُخزية من حياة سكان الحيّ تضع المسؤولين أمام المحكّ.

ومازالت سيدي سميان التي عانت الويلات أثناء ثورة التحرير المباركة، كونها معقل ثوار المنطقة الرابعة للولاية التاريخية الرابعة، مازالت تعاني ويلات التهميش والاقصاء من التنمية التي خصّ بها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون مناطق الظلّ. فكَون سيدي سميان بلدية جبلية، فهي تحوز على مؤهلات هائلة لتوفير مقوّمات العيش الكريم في بيئة فلاحية ورعوية، تسمح بالمساهمة في خلق الثروة وتزويد الولاية بالغذاء، الأمر الذي جعل الدولة تضع هذه الرؤية ضمن استراتيجيتها، وتستثمر بمئات الملايين من الدينارات لإيصال شبكة الغاز الطبيعي إلى هذه المنطقة النائية من أجل بعث حياة مدنية عصرية، تسمح بتثبيت الساكنة وتمكينها من البقاء، إلا أنّ العودة إلى التهميش والإقصاء سيُنفّر السكان من الأرض التي احتضنتهم، كما سيخلق لديهم شعورا مخالفا للقناعات الوطنية التي يُعرف بها أهل المنطقة الذين ضحوا بالنفس والنفيس من أجل تحرير الجزائر، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى التماسك وتعزيز اللّحمة الوطنية أكثر من أيّ وقت مضى.

ولم تستفد بلدية سيدي سميان من أيّ مشروع سكني، سوى مشروع 26 مسكن الذي انطلقت أشغاله سنة 2013، وبعد انتظار دام 11 سنة، جعلت من حلم الفرج يتحوّل إلى حقيقة في أذهان المغبونين من السكن بهذه البلدية النائية، خصوصا الشباب حديثي الزواج أو المقبلين عليه، لكن فكرة تحويله إلى مقر أمني للدرك الوطني قد يُبخّر حلم 26 مرشّح للاستفادة، بعد أن تمّ إعداد القائمة الأولية في فترة رئيس دائرة شرشال السابق.

وبرّرت السلطات الولائية هذا القرار إلى طبيعة المنطقة التي يحتاج سكانها إلى دعم للبناء الريفي، لكن التبرير بهذه الحجة تناست فيه السلطات أنّ لسيدي سميان أبناء درسوا بالجامعات الجزائرية وتخرجوا منها كإطارات، ومنهم موظّفون في إدارات وغيرها من هيئات الدولة، كما أنّ غيرهم من أبناء البلدية المرشحين للاستفادة ليس لديهم الحدّ الأدنى من إمكانيات للبناء الريفي مهما كانت المساعدة التي تقدّمها الدولة، ناهيك عن الوقت اللازم لإتمام عملية البناء في حال الاقتدار عليه، وأيضا ليس بالضرورة أنّ من يسكن سيدي سميان هو فلاح أو راعي غنم، لا يحقّ له العيش في شقّة بعمارة عصرية.

ومن جانب آخر، يتساءل متتبّعو الشأن المحلي، إن كان مقر لفرقة إقليمية للدرك الوطني لا يتجاوز عدد سكانها 3200 نسمة يحتاج إلى 26 شقة، بمعنى 76 مكتب و26 مطبخ و26 حمام و26 مرحاض؟؟ فبإمكان السلطات أن تنجز مقرا أمنيا باقتطاع 3 شقق أو 4 على أكثر تقدير، كما اقترح بعض المتتبعون المبنى القديم للبلدية كأحسن مقرّ للهيئة الأمنية، كونه يقع وسط المدينة ويحتوي على عدّة قاعات والمرافق الضرورية.

إنّ الحرمان الذي يعيشه سكان حي بلميلود وبعض الدواوير الأخرى ببلدية سيدي سميان، يتطلّب انتهاز فرصة جاهزية مشروع 26 مسكن الذي حطّم رقما قياسيا في تأخّر الأشغال والإهمال الإداري، من أجل القضاء على مظاهر عيش لا تختلف عن تلك السائدة بالمنطقة أيام الاستعمار الفرنسي، فبعض السكان هناك ينتظرون الاستقلال عام 2024، بعد أن قدّموا شهداء قبل 1962، فإدارة الظهر لهؤلاء لا يُعدّ أضطهادا اجتماعيا فحسب بل هو مواصلة في منع أشعة الحريّة أن تلامس أرضا اختلط ترابها بدماء سالت وآهات مازال صداها يَرٍنُّ بمركز التعذيب “بوسط سينيغال” !!.

حسان خروبي