القهوة الشرشالية… منذ سنة 1965 لا تزال تحتفظ بمذاقها الرفيع و جودتها العالية رغم نقص الطلب عليها

 

لا تزال القهوة الشرشالية تصنع الحدث بمذاقها و جودتها و رائحتها العطرة في شارع بن عزيزة محمد في شرشال، منافسة بذلك باقي المنتوجات الجديدة على غرار قهوة فاكتو و بوخاري و فاميكو… سكان شرشال يعرفون جيدا صاحب المحل و هو سمياني مصطفى من مواليد 1913، وافته المنية عام 1980، ليتسلم بعدها ولداه توفيق و يزيد إضافة إلى صديقه ألماني عبد القادر زمام هذا المحل التاريخي، شرشال نيوز حطت الرحال بالمحل الذي لا يزال يحافظ على تقاليده من حيث الآلات المستعملة في رحي القهوة من جهة و طريقة بناء المحل التي تعود لحضارة مدينة شرشال بامتياز.

سمياني توفيق و ألماني عبد القادر يعودان بشرشال نيوز إلى سنة 1965

شرشال نيوز بعد أن دخلت محل القهوة الشرشالية، وجدت سمياني توفيق و يزيد و السيد عبد القادر ألماني جالسين و كأنهم كانوا ينتظروننا، و بمجرد أن تعرفوا علينا استقبلونا وعادوا بنا إلى الوراء بالتحديد قبل 1965، عندما كان المرحوم سمياني مصطفى يسير هذا المحل رفقة صديقه ألماني عبد القادر، هذا الأخير الذي امسك بزمامه منذ وفاته إلى يومنا هذا رفقة ابنيه توفيق و يزيد، في وقت كانت القهوة الشرشالية حديث الكل، بعدما اكتسحت القلوب بمذاقها الرفيع و جودتها العالية، حيث كان الطلب عليها كثير.
بُنْ القهوة الشرشالية ذو نوعية رفيعة مصدرها الفيتنام و اندونيسيا و ساحل العاج و البرازيل، كلها مناطق معروفة بنوعية بذورها و جودة منتوجاتها، لتنال بذلك قهوة شرشال ثناء الجميع بما في ذلك المراقبين الذين جاءوا من ولاية الشلف سنة 1969 و أكدوا أنها طبيعية مائة في المائة و خالية من أي إضافات كالسكر و الشعير و الحمص، في وقت كانت محلات أخرى تمارس هذا النوع من الخداع لكسب المال.

القهوة الشرشالية… نفس المذاق و لا تزال تحتفظ بزبائنها الأوفياء

بعد ظهور منتوجات أخرى في مجال تحويل وتعبئة البُن، على غرار قهوة بوخاري و فاكتو، بدا بريق القهوة الشرشالية يزول شيئا فشيئا إلا أن جودتها و مذاقها لا يزال كما هو بشهادة الجميع، صحيح أن الطلب على هاته القهوة أصبح قليلا لكنها لا تزال تحتفظ بزبائنها الأوفياء و حتى السياح يعرفون جيدا محل المرحوم سمياني مصطفى، لا لشيء سوى أنهم أعجبوا بمذاق قهوته الطبيعية.

بعض سكان شرشال المتواجدون في المهجر يوصون أفراد عائلتهم بإرسال إليهم القهوة الشرشالية

 
واصل السيد ألماني عبد القادر و سمياني توفيق حديثهما لشرشال نيوز، مؤكدين أن هناك زبائن من البليدة و العاصمة يأتون خصيصا إلى شرشال للحصول على القهوة الشرشالية، بعد أن جربوا طعمها و أعجبوا به، حيث وصل الأمر ببعض سكان شرشال المتواجدين حاليا بالمهجر إلى الاتصال بذويهم هنا في شرشال و إرسال إليهم ما تيسر من القهوة الشرشالية التي تذكرهم بتاريخ المدينة، في رسالة واضحة من هؤلاء إلى أن مذاق قهوة شرشال لا يزال عالقا في أللسنة هؤلاء.

الآلات المتواجدة في محل القهوة الشرشالية تعود لسنة 1965

الآلات الألمانية المستعملة في رحي القهوة بمحل القهوة الشرشالية تعود لسنة 1965، حيث لا تزال في أوج عطائها رغم قدمها، فبمجرد أن تضغط على زر تشغيلها حتى تستمع لصوت محرك ذو نوعية رفيعة، ” السيد ألماني عبد القادر ” هو العارف بخبايا هاته الآلات التي لا تزال تستعمل كذلك في ألمانيا، فبمجرد تعطلها حتى يقوم بتفكيكها و إصلاحها، فهو البائع و الموجه و الأستاذ باختصار هو بركة هذا المحل، إضافة إلى أبناء المرحوم سمياني مصطفى الذين لم يفرطوا في مهنة أبيهم و أرادوا لها الاستمرار.

ارتفاع أسعار البُن أثّر  كثيرا على محل القهوة الشرشالية

موجة ارتفاع أسعار البُن  أثرت كثيرا على محل القهوة الشرشالية مقارنة بالسنوات الماضية، حيث بلغ سعر الكيس الواحد من بذور القهوة إلى مليونين و مائتين و عشرين دينارا، يأتي هذا السعر في وقت انخفض فيه الطلب، ” سمياني توفيق ” صرح لشرشال نيوز قائلا ” بالنسبة لأصحاب المقاهي نبيع الكيلوغرام الواحد بـ (530 دج ) أما بالنسبة للكيس الواحد فنبيعه بـ( 145دج)، و لحد الساعة نحن نتعامل فقط مع مقهى بوشمع و مقهى الحاج بن زروق، حيث كنا قديما نمول الكثير من المحلات.

إضافة السكر للقهوة يؤثر على مرضى الداء السكري

إضافة السكر للقهوة يؤثر بشكل مباشر على مرضى الداء السكري، و هو الأمر الذي حذر منه العديد من المراقبين قديما حسب رأي ” سمياني توفيق “، حيث كانت الرقابة شديدة على منتوج القهوة فيما يخص المواد التي تضاف لها كالسكر و الشعير و الحمص.

محل القهوة الشرشالية من الداخل…بئر رومانية و مخزن تارخي

الذي يدخل محل القهوة الشرشالية و يكتشفه من الداخل يدرك جيدا الطابع الحضاري لمدينة شرشال، حيث حافظ أصحاب هذا المحل على طابعه القديم رغم أنهم فكروا في وقت سابق في إعادة تهيئة المحل و لا يزالون يفكرون، ونقص المبيعات و ارتفاع أسعار القهوة ساهم في تأخرهم في تهيئته، شرشال نيوز دخلت المحل و اكتشفت وجود بئر رومانية فريدة من نوعها تعود لأزمنة مضت، حيث كان السياح الأجانب يأتون خصيصا لأخذ صور تذكارية رفقة هاته البئر الضيقة، و بمحاذاة البئر هناك مخزن بذور البن، بداخله ميزان قديم يعود إلى ثلاثين سنة مضت و لا يزال يستعمل في الوزن.

هـ.سيدعلي