ملف عيد المرأة: المرأة الريفية من الكفاح إلى التحدي

ملف خاص بعيد المرأة من إعداد: نور.سين
المرأة الريفية كفاح وتحدي
إذا أردنا وصف المرأة، لا نجد الكلمات التي توفيها فما بالنا إذا أردنا وصف المرأة الريفية التي تتحمل كل الظروف، سواء ظروف طبيعية أو ظروف معيشية.
و نحن في طريقنا إلى إحدى المناطق الجبلية بسيدي غيلاس لمحنا تجمعا سكنيا بالبناء الهش و بداخله نلمح نسوة كالنحل، لكل مهامها، و ملكة النحل هي حماتهن هناك من تصنع الخبز بنفسها و ما أدهشنا أنها لم تستعمل الخميرة الكيمائية بل خميرة صنعتها هي بقليل من المستحضرات فعوضت ما يصنعه المصنع عندما أرادت طهي الخبز أخذت كوما من الحطب لتحضير الفرن تركت الفرن ملتهبا لتذهب إلى مكان وجود الدجاج أخرجته إلى الطبيعة نظفت المكان ثم أخذت دلوا لتملئه من البئر وليس بعيدا عن البيت نرى من بعيد امرأة تساعد زوجها في حرث الإرث ومن هناك نلمح امرأة أخرى تزرع شجرة و أي نوع من الشجر شجرة الزيتون و داخل الغرف يوجد أطفال يدرسوا عندما سألناهم ماذا تريد أن تصبح الأم تجيب مكانه طبيب و هذا لديل على أنها تسهر على تعليم أولادها بالرغم من أنها لم تدخل يوما المدرسة، و بالرغم من أنهم يقطعوا مسالك وعرة كي يصلوا إلى مدارس سيدي غيلاس و هنا من الفتيات من تطرز بطريقة جيدة و لهن شهادات من التكوين المهني سواء لسيدي غيلاس او شرشال. و هناك جمعيات في مختلف التخصصات وكأنها تقول حتى وان كنت بنت الريف إلا أن طموحي اكبر بكثير كيف لا و المرأة الريفية هي من تصنع الحليب لنفسها، تخبز لنفسها و في بعض الأحيان تزرع و تحصد لنفسها، وتتحمل كل الظروف و أصبحت تشارك في التظاهرات المحلية و حتى المحافل الدولية بما تصنعه أناملها .
نورسين
النائبة بالمجلس الشعبي لسيدي غيلاس السيدة أمتيف صليحه:
دخلت السياسة من بابها الواسع
اقتحمت المرأة الجزائرية مجال المغامرات فأصبحت قائدة للطائرات لم يكفيها هذا بل توسعت في الشرطة تلقت الوسام بدل الرجل و تقاسمت معه مناصب في الوزارة و مقاعد في مجالس الأمة وحتى المقاعد المحلية و صليحة امتيف نموذج من هاته النسوة التي تفتخر بهن الجزائر .
صليحة امتيف هي النائبة الرابعة في بلدية سدي غيلاس عينت في هذا المنصب في الانتخابات المحلية الأخيرة هي متزوجة وام لثلاثة أولاد شغلت قبل هذا المنصب عدة مناصب أهمها إطار في شركة ايطالية في حاسي مسعود وأخرها إطار في شركة خاصة بحجرة النص ، دخلت ميدان السياسة كعضو في قائمة الجزائر الخضراء قادت الحملة الانتخابية مثلها مثل باقي المترشحين الرجال بزيارة معظم القرى التابعة لسيدي غيلاس و قادت حملتها الانتخابية بجدارة دون إهمال بيتها أو أولادها الثلاثة و زوجها بعد الحملة الشاقة والانتخابات تعينت كنائبة رابعة بالمجلس البلدي لسيدي غيلاس. هنا أيضا لم تتوقف بل رفعت أيديها و عزمت أن تدخل المعركة وسط المسؤولين المحليين لتفرض كلمتها و نفسها هي حاليا نائبة مصلحة الشؤون الاجتماعية تخرج إلى الميدان إذا اقتضى ذلك تراها محترِمة للوقت وللغير سواء مواطن أو عامل معها و هي تشجع المرأة الجزائرية عامة و سيدي غيلاس خاصة بعدم الاستسلام والكفاح حتى تحقيق الهدف و أن لا تخاف الميدان السياسي لان المرأة الجزائرية قادرة على الكثير و الكثير .
نساء دافعن عن وطنهن الجزائر
أخفن أرعبن حاربن فرنسا
المرأة هي ركيزة المجتمع بصفتها أم أخت زوجة أو صديقة شقت طريق الرجل في مختلف المجالات حملت السلاح في الحروب و حاربت العدو ة و المراة الجزائرية هي الأخرى لم تتأخر عن وطنها اذا نادتها حرب التحرير لمثال على ذلك
خالتي يامنة عاشت الاستعمار وويلاته في بداية الخمسينات قبل الثورةا كانوا يفتقدون للأكل و الشرب و حتى لباس لائق كانوا ياكلون القمح و الشعير و عند الثورة أصبحت سماؤهم نارا من كثرة قصف الطائرات و أرضهم جحيم بقنابل المدافع كل هذا كان في “حندلة ” بعدها أرغموهم على ترك منازلهم و نزلت إلى سيدي غيلاس أين بقوا مدة سبعة سنوات و نصف هنا قالت لنا بدأت الحرب الحقيقية أصبحت تعيش في مكان لا يليق لا لها ولا لأولادها 4 أكبرهم مات جوعا 11 سنة و أصغرهم 4 سنوات و كان زوجها مجاهدا بقيت هناك في سنة 1957 أخذوها ” لاصاص ” و حبسوها مدة تفوق 15 يوما هي و ابنها الذي كان رضيعا لكي ترضعه في السجن رأت هناك أبشع التعذيب قالت لنا أنهم كانو يقيدوا أيديها و يصبّوا عليها الماء بكميات كبيرة و كل هذا لأنها كانت زوجة مجاهد بعد مدة طلبوا من أختها أن تأخذ الرضيع بعد انتهاء مدة سجنها في «cave politte » و هي مخصصة بصنع الخمور و تعذيب الجزائريين عادت إلى بيتها عانت الويلات في تربية أبنائها هي و أبناء أختها اليتامى لان أبوهم مات شهيدا. وفي 1960 عندما قامت جبهة التحرير الوطني بمعركة مع فرنسا في “اغبال ” قالت لنا أن بعد انتهاء المعركة جاءت مجموعة من الجنود الفرنسين و أخذوها مرة أخرى إلى la cave politte » و هنا رأت أبشع أنواع التعذيب من كهرباء و ماء مدة شهرين لا تتاح لهن فرصة لراحة و عرضوها على المحكمة العسكرية و حكم عليها سنة سجنا نافذا في سجن الأصنام (الشلف حاليا) بتهمة أن زوجها مجاهد في الأصنام عذبوها هي و أخريات منهن من ماتت من بشاعة العذاب و أخريات فقدن علقهن قالت لنا ” أنا الكوراج ماشي مني أنا والو ربي سترني و كتبلي نعيش ” و أثار التعذيب تظهر عليها إلى يومنا هذا و بعدما أتمت الحكم المقرر بسنة سجنا عادت إلى سيدي غيلاس لم تبق مكتوفة الأيدي خاصة عندما اخرج العلم الجزائري قالت لنا ” ذهبنا أنا و مجموعة من النسوة إلى سيدي غيلاس الولي الصالح، و يتبعنا مجموعة من الأطفال حاملين العلم و نغني فارحين و لم أبق فقط في سيدي غيلاس بل ذهبت إلى سيدي سميان عند أبي و جُلت بالعلم علنا هنا أمسكتني فرنسا أخذت قسطا من السب والشتم لكن لم يأخذوني إلي السجن لأنه لم يمر يومين من عودتي من سجن الأصنام ” و بقي حالي حتى الاستقلال اين خرجت فرنسا و استرجعنا الحرية روت لنا و روح الكفاح لازالت تغمرها و خطواتها بطيئة لان عذاب الاستعمار الجبان لازال ينهش في جسمها التعبان .
و الحاجة عائشة كافحت هي الأخرى
خالتي عائشة هي أيضا عاشت بشاعة فرنسا، لكن في منطقة بعيدا قليلا عن سيدي غيلاس في مسلمون و بالتحديد في بوهلال . كانت تعيش هناك هي و زوجها الشهيد و وولديها كانوا يقتاتون من أراضيهم عملت في البداية على تموين مجاهدي الكتائب، ككتيبة الحمدانية ، كتيبة سي موسى ، كتيبة سي العربي قالت لنا في الأول كنا نقدم لهم الطعام من عندنا لكن بعد أن كثفت فرنسا حصارها لم يبق لنا حتى قوت أولادنا هنا أصبح المجاهدون يقدمون لنا القمح و نقسمه بيننا نحن النسوة كي نصنع لهم الخبز هذا في الأول لكن بعد العنف الذي عرفته منطقة بوهلال قسمونا الى فرق نسوية متكونة من 6 إلى 7 أعضاء إضافة على قائد وكان قائدهم اسمه احمد الذي استشهد في إحدى العمليات. كان عملهم في الأول يتجلى في تحديد هوية الزائر، فكانت كلمة المرور صوت نحدثه عند سماعنا لشخص آت نقوم بطرق حجرين اذا رد لنا نفس الصوت فهو مجاهد وان لم يطرق نخبرهم بان غريب آت و كانوا أولادنا دائما معنا انا كنت اجلس و أضعهم عندي بين التين الشوكي كي لا ترانا فرنسا و حوالي 1958 فقدت 10 شهداء في إحدى الغارات الفرنسية ابنة عمي توفيت بشظايا قنبلة، أما أمها و أختها فقد ماتوا في مطمورة لأنهم عندما سمعوا صوت الغارة دخلوا البيت و اختبئوا في المطورة بحثنا عنهم كثيرا فلم نجدهم إلا بعد عشرة أيام و هما في حالة تعفن. و أتذكر أيضا معركة أخرى أين حاصرتنا فرنسا في كهف لمدة 12 يوما بقينا دون أكل أو شرب وكانت ابنتي الصغيرة تبكي جوعا، كدت اذبحها كي لا تكشف المجاهدين كانت تبكي و تطلب الأكل أخذت سكينا قلت لها لو تتكلمي سأذبحك ، و بعد 12 يوما انتهى الكابوس و خرجنا من المغارة نبحث عما نأكل وجدنا حديقة بصل أكلنا منها ما يسع لدشرة من كثرة الجوع ثم عدنا إلى مكاننا بقينا نختبئ كل ما سمعنا غارة و نرفع السلاح في وجه المستعمر إلى إن سمعنا صوتا ليس صوت رشاش أو طائرة بل صوت نسوة تزغرد فرحا لاستقلال الجزائر .
مجاهدة من نوع خاص
في عيد المراة كل زوج يهدي لزوجته كل ابن يهدي الى امه تفرح و تبتسم لكن هناك من منحت فلذة كبدها الذي يهديها و يحضنها شهيدا للجزائر هي مجاهدة من نوع خاص تجاهد ضد وحش الاشتياق ضد وحش الحزن تمسك دموها كي تمسح دموع أبنائها إنها أم الشهيد شهيد الجزائر محمد جعفري الذي راح ضحية سقوط الطائرة في أم البواقي الف رحمة و نور على زينة شباب تيبازة و الف تحية لام دفت ابنها فداءا للجزائر ابن واحد وحيد للجزائر كان أملها الوحيد لكن اليوم الجزائر هي أملها فألف تحية يا سيدتي يا اختي و با امي لا تحزني ابنك الذي لا يتعدى العشرين في الجنة مع بقية الشهداء الف تحية و تقدير لك يا سيدتي يكفي ان دمك في تراب الجزائر