شرشال نيوز في ضيافة أحفاد قائد ثورة بني مناصر “مالك البركاني” وشهادات تاريخية من “الزاوية” كأبرز مناطق المقاومة الشعبية في الجزائر

تعتبر قبيلة بني مناصر واحدة من المناطق الثورية بالجزائر وولاية تيبازة بالخصوص، تاريخ مجيد حافل بالبطولات رفع فيه آنذاك زعماء القبائل شعار الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي، في مقاومات شعبية اندلعت عبر مختلف المناطق التابعة لها، وعلى امتداد رقعتها الجغرافية من شرق مستغانم وبني حواء والشلف غربا إلى مليانة وشمال المدية جنوبا، شمال شرشال وغرب العاصمة شرقا، في وقت كان فيه المعمرون يستهدفون طمس الهوية الوطنية، مع سياسة التجهيل والتفقير وهدم الزوايا والمساجد، إلا أنها اصطدمت بمقاومات شرسة قادها أبطال قبيلة بني مناصر بشجاعة وإقدام كبيرين، أمثال سيدي امحمد أبركان وخليفة الأمير عبد القادر “محمد بن عيسى” والقائد العسكري والمحنك الديبلوماسي “مالك البركاني”، وهو ما أكده أحفاد هؤلاء في ضيافتهم لشرشال نيوز نهار هذا الأربعاء 8 جويلية بزاوية “سيدي امحمد أبركان” بمناصر، والتي كانت مركز إشعاع علمي، ديني وروحي، عسكري ولمختلف العلوم والميادين (الفلك وغيرها)، بالتنسيق مع جامعي الأزهر والزيتونة منذ تأسيسها أواخر سنة 1200.

أحفاد القائد العسكري “مالك البركاني” “عبد الله أبركان” و “محمد أبركان”، فتحا قلبهما لشرشال نيوز في حوار احتضنته المنطقة التي عرفت اشرس معارك قبيلة بني مناصر ضد المعمرين “سيدي امحمد أبركان”، مستذكرين لحظات ووقفات خلدتها عائلة البراكنة في سجلها الحافل بالبطولات والأمجاد، يأتي هذا مع استرجاع الجزائر في عيد استقلالها 5 جويلية مؤخرا لرفات أبطال المقاومة الشعبية من فرنسا، ومعها جمجمة احد شهداء قبيلة بني مناصر المدعو “محمد بن الحاج”، والذي سقط بميدان الشرف عن عمر لم يتجاوز 18 سنة، متحدثين عن خليفة الأمير عبد القادر “سيدي امحمد بن عيسى” المؤسس آنذاك للعدالة وللعلم بتسييره لشؤون الزاوية بكثير من الانضباط والتنظيم، فقالا عنه الرجل الذي اتحدت به القوة العسكرية، والتي ضمت قبائل الظهرة والونشريس وسهل الشلف وتيسمسيلت والمتيجة تحت لواء الأمير عبد القادر، بعد أن تمت مبايعته في شرشال بمسجد 100 عرصة سنة 1830، كما أشارا في تصريحاتهما لللروح القتالية، الإرادة والشجاعة التي تحلت بها عروش وعائلات المنطقة ببني مناصر، ورغم الحملة العسكرية التي تم شنها على شرشال من طرف قوات الاحتلال، إلا أن قادة المقاومة الشعبية ببني مناصر لم يقفوا مكتوفي الأيدي، ودخلوا إليها مقاومين من مختلف منافذها (واد البلاع، سيدي غيلاس…).

معركة جبل الزكار بمليانة هي الأخرى واحدة من أبرز الملاحم في تاريخ المقاومة الشعبية ببني مناصر، حينها تكبد العدو الفرنسي خسائر كبيرة رغم مواصلته لسياسته الهمجية والإبادة الجماعية بقيادة الجنرال “بيجو”، ناهيك عن نفي الكثيرين الى جزيرتي كاليدونيا ومرغريت، يضيف أحفاد “البراكنة” في حوارهم معنا، مؤكدان أن المقاومة استعادت قوتها وأنفاسها بعودة القائد الفذ “مالك البركاني” من المنفى للمقاومة سنة (1870-1871)، أين قام باتصالات مع شيوخ وقبائل منطقة الوسط بساحة سوق الأحد، واستطاع تجنيدهم محققا هجمات ناجحة باستهدافه لمواقع عسكرية فرنسية (سيدي اعمر، سيدي غيلاس، شرشال، بني حواء وبني ميلك، الداموس وحمام ريغة، قائد ديبلوماسي وعسكري طلب أيضا يد المساعدة بالسلاح من ملكة بريطانيا، وذلك لمد قوة أخرى للجزائريين في كفاحهم للاستعمار، ومن أبرز معاركه معركة سيدي غيلاس و سيدي سميان و العناصر أعالي بوحرب بمناصر (poste sénégal)، قبل أن يستشهد في 13 جويلية 1871 بمنطقة الأقواس بسيدي اعمر.

ذكاء وحنكة ثوار بني مناصر جنب جثة “مالك البركاني” التنكيل بها وقطع رأسه من طرف الاستعمار

حوار تاريخي أجريناه مع أحفاد رجل المقاومة الشعبية ببني مناصر “مالك البركاني”، والذي كشف ذكاء وحنكة ثوار بني مناصر لإنقاذ جثته من التنكيل بها وقطع رأسه بأياد الاستعمار، مثلما فعل بآخرين ونقلهم لمتحف الإنسان بفرنسا، أين تم تحويل جثته من ميدان الشرف ودفنه بزاوية جده “سيدي امحمد أبركان” رفقة سلالته وأسلافه من قبله ومن بعده حاليا، بعد إيهام العدو بحفر ثلاث قبور، أحدها دفنت فيه جثة هذا القائد البطل مع زراعة تراب قبره ببذور حشيش سقيت بالماء الساخن، ما جعلها تنمو في ظرف أسبوع وتوهم بنموها العدو الفرنسي أن هذا القبر يعود لسنوات، ولا يمكن أن يكون لعسكري مبحوث عنه توفي قبل أيام، خطة محكمة فوّتت على المعمرين فرصة قطع رأسه، ليبقى قبره إلى اليوم بمنطقة الزاوية بمناصر شاهدا على ذلك، وبمعلم تاريخي وضع له كقائد لثورة بني مناصر وبمكان عرف أشرس المعارك ضد الاستعمار الغاشم، ليخلد اسمه بمؤسسات سميت عليه على غرار العيادة المتعددة الخدمات وسط مدينة شرشال، ومسجد “مالك البركاني” بمناصر، فقيل في مدحه “قبيلة بني مناصر بلا مالك البركاني كل شيء خاسر” ، ليبقى تاريخ قبيلة بني مناصر حافل بالبطولات والأمجاد منذ البدايات الأولى لانطلاق المقاومات الشعبية في الجزائر.

سيدعلي هرواس