التحرك لمناهضة العنف ضد النساء: دور المنضمات غير الحكومية

النقابية الجزائرية سعاد شريط تكتب لشرشال نيوز:
عشية الاحتفالات باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء المصادف ل25 نوفمبر من كل عام، يبقى العنف الذكوري تجاه النساء لا يعرف حدود جغرافية و لا سن معين و لا اختلاف طبقي و لا ثقافي و لا عرقي،ويظهر في عدة اشكال ومظاهر و مرتكبيه قادمون من افاق مختلفة فيمكن ان يكون شريك حياة او فرد من العائلة او زميل في العمل او معرفة اجتماعية محلية او اجنبي ،او عنصر مؤسساتي كعون امن او عون صحة او استاذ…… الخ
بالغم من ان العنف الذكوري على النساء يبقى دائما خفي و اصوات النساء تجاهه مكبوتة فتسالنا لماذا هذه الرخصة الاجتماعية التي تتسامح مع اللاتسامح.
تعريف العنف ضد النساء: معاينة
المادة الاولى من الاتفاقية المناهضة لكافة أشكال التمييز ضد المرأة والتي تنص ،((لأغراض هذه الاتفاقية يعني مصطلح التمييز ضد المرأة أي تفرقة أو استعباد أو تقييد يتم على أساس الجنس و يكون من اثاره أو أغراضه النيل من الاعتراف للمرأة على أساس تساوي الرجل و المرأة ،بحقوق الإنسان و الحريات الأساسية في الميادين السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية أو في أي ميدان أخر ،أو إبطال الاعتراف للمرأة بهذه الحقوق أو تمتعها بها و ممارستها لها بغض النظر عن حالتها الزوجية)).
لأغراض هذه الاتفاقية يعنى مصطلح “التمييز ضد المرأة” أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه، توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر، أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل.
وتدخل في اطار برنامج عمل بيجين وكل هذا اكد من جديد في الدورة 57 لمجلس المرأة العالمي csw في مارس 2013 من طرف الدول المصادقة عليه و الذين قبلوا توصيات اللجنة .
العنف الذكوري ضد النساء هو مسار متواصل ،حلقات غير منقطعة من الاعتداءات الجسدية او اللفظية او الجنسية وهوعبارة عن تصرفات مرتكبة باشكال مختلفة من اجل جرحهن او اهانتهن او تخويفهن و لتسكيتهن اي احالتهن على الصمت.
العنف ضد النساء مهما كان سنهن او مكانتهن الاجتماعية او منشأهن هي حصيلة نظام ابوي مركب على هيمنة الرجال على النساء :الاغتصاب ،البغاء،الختان،…… العنف الزوجي و العائلي ،التحرش الجنسي في وسط العمل و في الاماكن العمومية ،الزواج القصري ،جرائم الشرف…او الاعتداءات الجنسية على الاطفال…..
كل هذه تعتبر عراقيل من اجل تحقيق المساواة بين الرجال و النساء ،وهي خروقات لحقوق الانسان المرأة،(الحق في السلامة البدنية و النفسية ،الحق الكرامة)(التمييز الجنسي ،وعند التوظيف ، …..) و للحريات الاساسية ،كحرية التنقل و الحق في الحماية و الحق في الحياة…….
عدم تكافؤ الفرص للنساء للوصول الى مصدر القرار او السلطة و الى الاستقرار و الامن يعرقل مجال نشاطهن .فقر النساء يحسب بالوقت و المال .أصواتهن مقوضة الحجم في القرارات العمومية و الخاصة و استقلاليتهن الشخصية معرقلة بالآمن في المحيط العام و الخاص.
تاريخ القوانين المؤسس في اللاشعور الجماعي يعطي شرعية للعنف كوسيلة قوة ذكورية على النساء،المستضعفات لأنهن محرومات من عدة حقوق اساسية كالتصرف الحر في اجسادهن وتصرفاتهن وافكارهن.
العنف العائلي يحدث في المنزل الذي يعتبر نطاق خاص وبالتالي يسقط العنر امام القانون بالرغم من انه يعتبر خلل بالنظام العام،والاطفال شهودعلى هذا العنف،وله انعكاسات مرضية واجتماعية على المجتمع ورفاهيته، والنضالات النسوية خلال القرن العشرين فرضت مبدأ ان المنزل او المجال الخاص لا يجب ان يكون منطقة لا حقوق.
و لذا تحسيس الرأي العام والتحرك باتجاه وسائل الاعلام والمؤسسات لإعلام النساء بحقوقهن وتحميل المسؤولية للرجال و للمجتمع عامة واجبة و مهمة و ذلك ب.
تفكيك الصور النمطية بتربية غير قائمة على التحيز الجنسي:
أولا ووجوبا إن أردنا ان تتوقف هذه العلاقات المبنية على هذه السلطة الابوية بين النساء والرجال و العمل على المساواة في الحقوق والوجبات وكرامة النساء والرجال كمبدأ أساسي للحقوق العالمية.
إن تنفيذ وتحقيق حقوق الإنسان للقضاء على العنف ضد المرأة و الخروج من حلقة العنف الجهنمية والدخول الى فضاء تنمية انسانية متناسقة.
لمقاومة فعالة ضد العنف الذكوري تجاه النساء يجب العمل على .
الوقاية من العنف الذكوري:
الجمعيات يجب ان تتحرك على عدة مستويات على مستوى الجهات الفاعلة وصانعة القرار لاعداد وتطوير
– إجراءات ملموسة في التعليم النظامي والغير النظامي
– حملات تحسيسة للجمهور العام حول الاتجاهات والمواقف السلوكية الاجتماعية
– العار يجب ان يغير المعسكر.
– تكوين اعوان المصالح العمومية والمهنيين
– تبني الإعلام لقضايا العنف كقضايا صالح عام أو رأي عام .
حماية ومرافقة كل النساء وكل الفتيات:
حماية النساء يجب ان ناخذ في الحسبان اختلاف الاحتياجات وهويات النساء ،بين النساء وبحساسية كبيرة هناك نساء لهن مشاكل صحة عقلية وذوي الاحتياجات الخاصة (تتضاعف نسبة تعرضهن لعنف جنسي )
الفتيات و النساء الصغيرات معرضات اكثر للعنف الجنسي ،و النساء ضعيفات الدخل الاقتصادي غالبا ما يعجزن عن مغادرة محيط العنف لعجزهن على الحصول على مأوى انفرادي مناسب او تلبية احتياجتهن الاقتصادية.
متابعة مرتكبي العنف :
تحميل الجناة المسؤولية،وضمان الوصول الى العدالة لكل النساء مهما كان وضعهم كمهاجرين ،او زوجي او سكني ،عندما تبلغ على اي عنف ذكوري كن ضحيتهن امام الشرطة ،او عند اجراءات التحقيق و المحاكمة.
يجب ان ينتهي افلات الجناة من العقاب وترك النساء الضحايا دون مرافقة ودون اعتراف من جهاز العدالة ،في ملفات العنف الجنسي و التحقيقات و المتابعات تعرف اقل احكام .
البرنامج الموجه لمرتكبي العنف لايجب ان يكون بديل للمتابعة او العقوبة الجنائية ،يجب ان يسجل في استراتيجية متكاملة للقضاء على العنف ضد النساء من اجل غاية وهدف عام لحماية النساء بمختلف الاليات (الشرطة ،القضاء،مصالح طبية،……….الخ)
يجب فرض غرامات على مرتكبي العنف لتمويل برامج التكفل بضحايا العنف.
التكفل بالضحايا(الناجيات)
على الحكومات ان تضع خدمات مختلفة تستجيب لاحتياجات النساء المختلفة من ناحية الكيف و الكم بالشراكة مع جمعيات ومنظمات غير حكومية للنساء وتضمن امكانية تعويضات مناسبة مادية ونفسية .
يجب ان تحوي هذه الخدمات المقدمة على مراكز إصغاء و تكفل .و برامج تدريبية مهنية لتأهيل الضحايا على الحصول على الاستقلالية المادية.
بناء تحالفات بين المنظمات و الجمعيات النسائية:
يجب الاعتراف و تثمين ومساندة دور المنظمات غير الحكومية في محاربة العنف الذكوري تجاه النساء وتجب ترقية الشراكة بينها وبين السلطات الرسمية من اجل وضع سياسات متابعة و تقييم واجراءات و يتضمن هذا دعم مادي مناسب ودائم لنشاط المنضمات الغير حكومية في هذا الاطار.
الترسانة القانونية:
إن الترسانة القانونية هامة و ضرورية ولكن ينقصها معاقبة زبائن الدعارة .جسم الانسان ليس سلعة للبيع لا كله ولا جزء منه : دمه او اعضائه . لمسه او الاعتداء الجنسي عليه كله ممنوع بحكم القانون.المؤسف في الدعارة ان الذي يدفع من اجل اشباع غرائزه لا يعاقب بينما التي يقع عليها الفعل مهددة بالعقاب ،معاقبة شراء العلاقات الجنسية يسمح بوضع المنع بالقانون ويساعد على تربية النشء ذكور واناث على الاحترام المتبادل لاجسادهم و لاجساد الاخرين.
السويد ومنذ سنة 2000 بدات تجريم زبائن الدعارة بحكم قانون تجريم العنف الممارس ضد النساء ،مقارنة مع هولاندا والمانيا واسبانيا اين تجارة الجنس صناعة قائمة بحد ذاتها حيث العنف زاد عن حده ،يبين ان الغاء الدعارة خطوة اساسية لمناهضة كل انواع العنف ضد النساء.
فإذا كانت الترسانة القانونية هامة وضرورية هل هي كافية ؟ ماهي نجاعة وفعالية هذه القوانين؟ هل النساء على دراية بها؟ و المسؤولين على تطبيقها هل هم متمكنين منها؟ و الذين يسهرون على احترامها وتطبيقها ،هل لهم الامكانيات اللازمة للقيام بذلك؟
لكن الصور النمطية تبقى مشحونة وحاضرة ،ولقد لاحظنا رد فعل الصحافيين في قضية ستروس خان .أو عندما يصفر في البرلمان على وزيرة تاتي للرد على اسئلة النواب لمجرد أنها ترتدي فستان(الافتخار بالفحولة). أو عندما تترشح سيدة لانتخابات عمالية أو عندما تترأس سيدة أي مشروع
في اللا شعور الجماعي ،اضفاء الشرعية للسلطة الذكورية على النساء ،باستعمال العنف كوسيلة ،مازالت حاضرة . هل فعلا نحن نعيش في وسط حقوق ؟ ما معنى حقوق الانسان العالمية؟ عندما تتعرض نصف البشرية الى أشكال عنف لمجرد كونهن نساء.
النساء يرفضن ان يكن ضحايا .الغاية و الهدف من كل النضالات القانونية هو تحميل الرجال المسؤولية و تأكيد حقوق النساء. تربية البنات و الاولاد يجب ان تبنى على اساس مساواة الجنسين.
الفارق بين الجنسين لا يجب ان يترجم بعدم المساواة السياسية و الاجتماعية و الثقافية .الجنسين غير متشابهين و لكنهما متساويين .خلال قرون عدم التشابه الجنسي ترجم بعلاقات سلطوية منافية للمساواة في حقوق الافراد.
كلنا جميعا رجال ونساء يجب ان نتحرك لكسر الدوامة الجهنمية للعنف الذكوري تجاه النساء وبناء عالم متناسق مبني على الاحترام المتبادل مهما كان الجنس او اللون او العرق.
سعاد شريط
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
– اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء..CIDAW
ـ ستروس خان مدير صندوق النقد الدولي السابق عندما اتهم بالاعتداء الجنسي على عاملة بفندق بنيويورك.
ـ