تيبازة بين تيباZA وتيباSA: تغيير حروف الكتابة الفرنسية لاسم الولاية خَرق لقوانين الجمهورية وهَدْر للمخزون الرقمي للمنطقة

لم ينتبه مسؤولو الولاية بأن تكريس الخطأ الشائع في كتابة اسم تيبازة (Tipasa بدل Tipaza) هو خرق صارخ لقوانين الجمهورية حيث أصبح يغزو الإدارات والوثائق الرسمية خصوصا القرارات والمراسلات التي تصدر عن الهيئات العليا للولاية والتي تعتمد لإصدارها على مرجعيات ونصوص قانونية وتأخذ الصيغة القانونية في تنفيذها.
فكل هذه القرارات يُفترض أن ترتكز على المستندات القانونية الرسمية للدولة الجزائرية والتي لم تذكر أبدا كلمة (Tipasa)، فأسماء البلديات والولايات هي تسميات ذات صبغة قانونية تمّ اعتمادها بقوانين وقّعها رؤساء الجمهورية وصادرة في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية.
ومنذ المرسوم الأول لإعادة التنظيم الإقليمي بعد الاستقلال والذي يحمل الرقم 63-189 الصادر في 16 ماي 1963 اعتمدت سلطات الدولة الجزائرية على كتابة اسم تيبازة كما هو (Tipaza) ، وهو ذاته الذي اعتمدته سلطات الإحتلال الفرنسي في ما أسمته بالإصلاح الإداري في 28 جانفي 1956 والتقسيم الملحق به في 20 ماي 1957 حيث ظلّ اسم تيبازة يكتب بالحرف Z كما كان عليه في أول تقسيم لها في 09 ديسمبر 1848 بعد أن أحكمت سيطرتها على الأراضي الجزائرية.
مهما كان سابقا، فإن الدولة الجزائرية المستقلة اختارت كتابة اسم تيبازة كما هو Tipaza في كل قوانين التقسيم الإداري بدءا من سنة 1963 حين أُلحقت تيبازة كبلدية إلى ولاية البليدة بعدما كانت تابعة لعمالة الجزائر. لِيَليه قانون التقسيم الإداري رقم 74-69 المؤرخ في 02 يوليو 1974 الذي وقّعه الرئيس الراحل هواري بومدين، إلى قانون التقسيم الإداري الذي اعتمد تيبازة كولاية والذي وقّعه الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد تحت رقم 09-84 المؤرخ في 04 فبراير 1984، ما يجعل التسمية الرسمية لولاية وبلدية تيبازة تكتب بالفرنسية بحرف Z وليس S بقوة القانون إلى يومنا هذا، ما يُلزم هيئات ومديريات الولاية باستعماله لإعطاء الصيغة القانونية للقرارات التي تصدر عنها.
استعمال حرف S في كتابة اسم تيبازة باللغة الفرنسية كان قد ذهب إليه باحثون فرنسيون إبان مرحلة الاستعمار كنتيجة لبحوث تاريخية حول نشأة تيبازة في العصر الفنيقي في القرن الخامس قبل الميلاد كمنطقة عبور بين شرشال (ايول) والجزائر (ايكوزيوم)، فأصل الكلمة ينحدر من الكلمة البربرية “تافسا” “Tafsa” بمعنى مكان توقّف، ما برّر به هؤلاء استعمال حرف S عند كتابة تيبازة باللغة الفرنسية غير أنّه حتى في هذه الحالة لا يدلّ على المعنى الأصلي للكلمة ولا يُقارب نطقها. ليبقى هذا التبرير وغيره (Prononciation[Z] de la lettre [S] entre deux voyelles ) لا يخوّل للرسميين استعمال هذه الكتابة التي تُعدّ خرقا واضحا للقوانين المشار إليها، خصوصا قانون 1984 الذي نصّت المادة 46 منه على البلديات التي تُشكّل ولاية تيبازة بحيث أنّ كل القرارات التي يُصدرها مسؤولوها حاليا تستند أساسا على هذا القانون، فالتقيّد بمحتواه شرط لتحقيق القوة القانونية لهذه القرارات.
فالذهاب إلى تغيير كتابة اسم ولاية أو اسم بلدية وحتى أسماء أشخاص واردة في الجريدة الرسمية تحتاج إلى تصحيح واستدراك بواسطة الجريدة الرسمية ذاتها، كما حدث في العدد الأخير لشهر مارس المنقضي، حيث تمّ تصحيح اسم والي ولاية البليدة من مصطفى العيادي إلى مصطفى العياضي، الذي نُقل من الكتابة الفرنسية إلى العربية باستعمال حرف الدال.
أما تيبازة فلا تزال إلى يومنا هذا تكتب في الجريدة الرسمية Tipaza ، حيث كان آخر ظهور لها في هذه الوثيقة التي تعتبر المرجعية الرسمية والقانونية للدولة الجزائرية كان في العدد 18 من السنة الجارية الصادر بتاريخ 21 فيفري 2018، ما يدحض أيّ تبرير أيّا كان نوعه لاستعمال حرف S، إلا اذا كان مصدر الخطأ هو الجريدة الرسمية ذاتها، وهنا تّهمة التسيّب توجّه للمشرّع الجزائري، فعلى سلطات الولاية المكلّفة بالسهر على تطبيق قوانين الجمهورية التنبيه لهذا الخطأ المُتمادى فيه عبر الوثيقة الرسمية للدولة.. وإن لم يكن كذلك فالمهمة تقع على سلطات الولاية لتصحيح الوضع وتحقيق الانسجام مع السلطات المركزية وعلى رأسها المشرّع الجزائري.
التمادي في الكتابة المنافية للقانون لاسم ولاية وبلدية تيبازة لا يتوقّف عند هذا الخرق القانوني، بل تحمل خطورة مستقبلية على المخزون الرقمي للولاية بتشتيت الجهود المبذولة في هذا الإطار، فقواعد البيانات العالمية التي تقوم بتخزين النشاط الرقمي الذي تقدّمه كل الأطراف سواء الإعلامية أو الرسمية أو المؤسسات والأفراد من نشطاء شبكة الأنترنيت لا يصبّ في قاعدة واحدة، فمحركات البحث تعتبر Tipaza و Tipasa كلمتين مختلفتين، فبالتالي ستنقسم كمية المخزون الرقمي للولاية الواحدة وتتشتّت جهود أبناء الولاية الواحدة..
حسان خروبي