X

الإخبارية المستقلة لولاية تيبازة

أخبار الجزائر على مدار اليوم

 

ابن الولاية الإعلامي عثمان لحياني يكتب من تونس: “إلى رفاقي في تيبازة ..شموعكم لا تنطفئ”

الصحافة أن تقبل بجوار الحقيقة وتكون قريبا منها، وألا تقبل قسمة الحرية على اثنين، أن تذهب إلى حيث القصة المؤلمة والمفرحة، إلى حيث الإبداع والانتكاسة، إلى حيث يزرع القدر الألم وحيث يصنع الإنسان الأمل، الصحافة أن لا تعاف عرق الفلاحين في الداموس ومهندسي النظافة في بورقيقة، أن  تدخل بيوت القش في الأرهاط والمدارس الهشّة في سيدي سميان، وتركب في قوارب الصيادين في بوهارون  وتساير مشي الرعاة في مَراد، أن تساءل التاريخ وصانعيه في مناصر وتقرأ في المكان وفي الجغرافيا في شرشال، أن تكتب عن الركح المسرحي المنكر في أحمر العين، وعن السينما الغائبة في حجوط، أن تكتب  عن الكلمة والمعنى في القليعة، عن الشعر والفن والمغني في بواسماعيل، عن الحي والكرة في الحطاطبة، عن الشجر بمتعة وعن الحجر بتأمل في سيدي راشد، وعن حلاق قديم يداعب الشعر منذ عقود في مسلمون، وعن موزّع بريد أتعبته الرسائل في ڨوراية، عن مصوّر قديم مازال يحتفظ بصور المدارس في سيدي غيلاس، هم تلك الأحجار الصغيرة التي تؤثث تفاصيلنا اليومية دون أن ننتبه لها ولقيمتها كحكايات شعبية بما يكفي.

في تيبازة المفعمة بالقصص الإنسانية والمتخمة بالتاريخ الإنساني العريق، والمزدحمة بالهم اليومي وبالناس والحكايا، كانت الصحافة فاتنة ومغرية دائما كما البحر، وبين كل سنة وأخرى كان يكبر حلم صحيفة ويتحقّق طموح زميل، كانت ” تيبازة الجديدة ” وصارت “شرشال نيوز”، كان الصحفيون خمسة أو ست، صاروا بعدد أقلام الرصاص، اتّسع الأفق الآن بما يكفي لأن نكتب لتيبازة ونؤرخ ليومياتها، ونعزّز رصيدها الثقافي والفكري والمجتمعي، ونصارع الجهل المقدس ونقاوم الطمع، ونسهم في مزيد من تسويقها كمنطقة  للتعايش الإنساني، وللطموح والنجاح الاقتصادي .

كتبت عليكم الصحافة فلتتقبلوا هذا القدر، وتورطتم في هذه الورطة الرائعة، كتب عليكم الشقاء في الصحافة فلتنخرطوا في هذا الشقاء الجميل، وقعتم في كمين الكتابة عن الآخر فلتتنكروا للذوات، اعتُقلتم في همّ الناس فتعلمتم معنى الحرية، إن الصحافة هي كل هذا القدر المجيد والورطة الجميلة والشقاء الرائع والكمين الذي يصنع منا أبطالا والحرية التي نكتب.

 في هذا اليوم  الذي يتذكرنا فيه الناس وتلتفت فيه إلينا الحكومة، نستذكر نحن الرفاق الذين كانوا هنا، معنا حيث نحن وحيث نكون، الذين مدوا أرجلهم نحو الرحيل وسبقونا إلى الخلود، كل حرف خلفوه ورائهم هو تذكارهم فينا وفي وجوه الناس، هؤلاء الأحبة الذين لا نَنسى، لكي لا نُنسى، اثنان لا يموتون حتى يموت الحرف، الصحفيون والشعراء، فاعبروا  تحت الجسر الصحيح أيها الرفاق، لكم المجد الأنيق والأفق الممتع والذكرى الطيبة ….أنتم وتيبازة في القلب .

 

من تونس / عثمان لحياني