تُوفي غرقا بشاطئ تيزيرين بشرشال تاركا ورائه فراغا رهيبا: عائلة عبدو بالنجد الجنوبي تودّع ابنها وسط أجواء مهيبة بالمقبرة

بأي حال عدت يا رمضان”…فاضت العيون و احترقت الأفئدة اشتياقا و تأثرت الصدور تحسرا أما الأيدي فكان رسم رفعها إلى السماء ترحما على روح الطفل “عبدو محمد” ذي الأربع سنوات، بعد انتشال جثته غريقا بشاطئ تيزيرين بشرشال أمسية هذا السبت 11 جويلية، لتنتقل روحه إلى جوار الله تاركا فراغا رهيبا بعد قصة حب و تعلق بأمه و جدته و عمه ووالده الذي اتخذ قرار دفنه مباشرة بعد سماعه للخبر، متسلحا بالإيمان بالقضاء و القدر “إنا لله و إنا إليه راجعون”، فبكى و أبكى معه الجميع خاصة جيرانه الذين استفاقوا على وقع غيابه عنهم.
جثمانه وارى التراب بالمقبرة و صوت الآذان يدوي في سماء شرشال إذانا بجواز إفطار الصائمين، في أجواء اقل ما يمكن أن نقول عنها أنها رمضانية و مهيبة، و الحدث هو طفل بريء تكمن براءته في حيويته و نشاطه و حسن كلامه داخل المنزل و خارجه، ليمتزج رحيله بالعشر الأواخر من شهر رمضان بطريقة غلب عليها الهدوء و السكون.
شرشال نيوز عاشت الأجواء الاستثنائية التي عاشتها عائلة “عبدو” بعد الفاجعة التي ألمت بها، و اقتربت من والد الضحية السيد “عبدو ابراهيم” المدعو مجيد، الذي عبّر عن إيمانه الصادق بالله عز وجل مترحما على فلذة كبده راويا للجريدة أحداث الواقعة، “هي مشيئة الله سبحانه و الخبر نزل كالصاعقة على رؤوسنا خاصة أمه و جدته و إخوته و عمه الذي يحبه كثيرا و لم نصدق بعد كيف افتقدناه، الواقعة تعود ليوم قبل حدوثها، أين اقترب مني جاري لم يرزقه الله سبحانه و تعالى بالذرية، فأحب ابني كثيرا و أنا أشهد له بطيبته و حسن معاملته و لم يقصر أبدا معه، فقال لي انه ينوي اصطحابه رفقة أبناء صديقه للسباحة على أن يقوم في اليوم الموالي بالذهاب مع عائلته للبحر، لينطلقوا إلى شاطئ تيزيرين بعد صلاة الظهر و هناك وقعت الحادثة”، واصل والد “محمد” حديثه للجريدة و الحسرة كانت بادية عليه، أين امتلأت عيناه دموعا على فراق أصغر أبنائه، “اخبرني في حديثه معي انه تفطن لغياب الطفل عن المجموعة بعدما تحدث إلى صديقه منبها إياه بدخول وقت العصر، فسال الأطفال عن ابني اخبروه بان هناك رجلا مشيرين بأيديهم لأحد الأشخاص في الشاطئ، فذهبوا مسرعين إليه إلا أنهم وجدوه غير ابني، و بعد عودتهم هناك كانت الصدمة “ابني يطفو فوق الماء” بعدما وافته المنية غرقا في وقت الشاطئ كان يعج نوعا ما بالمصطافين، لتقوم عناصر الحماية المدنية بنقله إلى المستشفى، و عند سماعي للخبر آمنت و أيقنت في الله اشد اليقين و قررت أن اتخذ قرار دفنه مباشرة و لم أرد تركه لليوم الموالي( يقصد الأحد 12 جويلية)، حيث توافقت ساعة دفنه بوقت آذان المغرب و رغم انه لم يكن لدي وقت لأعلن عن جنازة ابني إلا أن مراسيم دفنه عرفت حضورا كبيرا للمواطنين و دعم غير متناهي من طرفهم.
“ولدي الصغير محبوب و معروف بنشاطه و حيويته ربي يرحموا”
في آخر كلامه أراد والد “عبدو محمد” أن يتحدث قليلا عن ابنه بكلمات صادقة نابعة من قلب أب أحب و تعلق بابنه كثيرا، “هو محبوب كل الناس يتحرك كثيرا معروف بنشاطه و حيويته، قبل يومين قال لجدته تعالي لأدرسكي فأنتي لا تعرفين القراءة”، هو ابني الأصغر الذي العب معه و يترقبني كلما دخلت إلى المنزل، أخذه للتسوق معي و يحب كثيرا أخي “عبد القادر”، كما تحدث الوالد عن ردة فعل زوجته التي لم تصدق خبر وفاة ابنها كيف لا وهي التي حملته تسعة أشهر صابرة على تربيته، “أمه كانت مريضة و مرضها زاد من معاناتها أثناء تربيتها له حتى بلغ الأربع سنوات لتفاجئ بفراقه نهائيا، جدته هي الأخرى تعلقت به لدرجة كبيرة خاصة و أنها أشرفت على تربيته كذلك في وقت لم تستطع زوجتي القيام بذلك نظرا لظروفها الصحية فكانت تشتري له الألبسة و غير ذلك، إخوته بدورهم تأثروا كثيرا لفراقه في الأخير لا يسعني إلا أن أترحم على ابني و أتضرع إلى الله سبحانه داعيا إياه أن يسكنه فسيح جنانه و أن يرزقنا الصبر و السلوان”، و يذكر أن جاره الذي اخذ ابنه إلى الشاطئ كانت ردت فعله كبيرة و بطريقة هستيرية امتزجت بالبكاء، ليتدخل الوالد المحتسب و يقوم بإسكاته بكلمات دلت على إيمانه الشديد بقضاء الله و قدره و كأنه يقول “بأي حال من الأحوال عدت إلينا يا عيد”، فاللهم ارحم الطفل “عبدو محمد” و اجمعه بعائلته في الفردوس الأعلى والهم ذويه الصبر و السلوان.
هـ.سيدعلي