علامة استفهام؟؟؟؟


istifham



كثيرا ما تتزاحم في ذهني أفكار كثيرة ومتناقضة ، لا أميز الصواب منها من الخطأ ، فتختلط الأمور وتصبح أفكاري مسجونة في شبه متاهة لا أدري من أين أذهب بها ، وما يجعلها كذلك حالة الغموض والالتباس التي نعيشها ، فنحن نشاهد مسرحية لا نعلم البطل فيها من الشرير ، وتبقى نهايتها مبهمة ، أما من جهة الممثلين فهم يؤدون أدوارهم بإتقان ، كل يعرف موقعه ، يسيرهم شخص لا نراه ، يظهر وجهه من تحت الخشبة ويراه الممثلون فقط .


هكذا حال أمتنا اليوم ، فشعبها يأمل دائما في التغيير ، ولكن لا يغير إلا الممثلين ، ويبقى المخرج ثابتا يكمل عمله في هدوء واطمئنان تام ، دون أي تدخل يهدد مصالحه أو يعيق سير مسرحيته التي يحاول بها استغباء الشعوب العربية وترويضها وتسييرها عبر حكامها ما داموا في رعايته إلى أن يحين وقت انتهاء صلاحيتهم ، فيتركوا لشعوبهم حتى يقرروا مصيرهم .


ومن طبيعة المشاهد أن تتبادر إلى ذهنه أسئلة عديدة عن الأشياء الغامضة التي لم يعطها المخرج حقها في المسرحية ، فيتساءل : ما سبب هذا التخلف الحضاري والفكري المفزع وسط الشعوب العربية ؟ من يقف وراء هذه الثورات والتسييس المفاجئ للشارع العربي ؟ ما هو تفسير النتائج التي وصلت إليها الآن الدول التي قامت بالتغيير والإصلاح مثل تونس ومصر من عصيان مدني للنظام المنتخب واحتدام للصراعات بين التيارات السياسية المتباينة ؟ هل من المنطقي والمعقول أن يرفض شعب ما نظاما يحكم بلاده ولكن يشجع ويحب رئيس هذا النظام ؟ وإن حدث هذا فمن المروج لهذه الأفكار المجنونة ؟ وما سبب الصمت المخيف للرأي الدولي العام في بعض القضايا المهمة التي تهدد وحدتنا ومبادئنا ، في حين نلاحظ ثورته وغليانه في القضايا التافهة التي لا تعنينا ؟ لماذا تستبعد الأنظمة الحاكمة الجانب الفكري والتعليمي والتكويني لشعوبها ؟ ولماذا تقابل مواهبهم وطاقاتهم بالردع والقمع والإخماد بشتى الطرق والوسائل ؟ لماذا تمنح هذه الحرية المطلقة للإعلام العربي وخاصة الإخباري منه ، فتنزع مبادئ وقيم الإعلام ويصبح مجرد تجارة لا غير ، مما يسمح له بفبركة الأخبار وتضخيمها أو تقليصها على مقاس "المخرج" ؟؟


أظن أن الإجابة عن هذه الأسئلة سهلة ، فالإجابات واضحة وبسيطة ، ولهذا لابد من الدخول إلى الخشبة وتغيير مجريات هته الحكاية المحبوكة ، أما إذا بقينا نشغل مقعد المتفرج المتأثر بالدراما فقط فلا نتيجة تؤمل .


عبد الفتاح أبو عمرة