تشجيعا للسياحة الجبلية بالمنطقة: أصدقاء الطبيعة يحطّون الرحال بغابات أعالي البلج بتيبازة وعينهم على غابات بوهلال بقوراية وواد جراح بسيدي سميان

تعتبر السياحة الجبلية في السنوات الأخيرة متنفسا للعديد من عشاق الطبيعة، والذين رفعوا مؤخرا شعار التحرّك نحوها من باب استكشاف مسالكها، حراك بيئي سياحي التفت حوله مجموعة “le sentier des randonneurs” رجال ونساء، تحت إشراف قائدها المرشد والخبير بالمسالك والدروب “ناصر برانسي”، وفق برنامج زمني مضبوط بإحكام، وفي رصيدهم عشرات الخرجات الاستكشافية أبرزها بالأطلس البليدي، تيزي وزو، الونشريس، جبل زكار بمليانة، تيكجدة، تيسمسيلت، بجاية، المدية وغيرها من المناطق الغابية الخلابة والرائعة، حينها تجري رياح الراحة والاستجمام بما تشتهيه أنفسهم، وسط أجواء مثالية تعكس واقع التكامل والتفاهم بين هؤلاء، لتجمعهم الطبيعة على قلب رجل واحد مرورا بأحراشها وأحواشها، وبما أن “الإنسان ابن بيئته”..فإن تحركاتهم تكون بحضور موجّهين من أصحاب الاختصاص، كعين تسهر وتضمن تنقلهم بسلام وعلى مسافات طويلة، ما جعلهم فريقا متميّزا همّهم الوحيد هو اكتشاف المواقع الغابية الجميلة، وكذا رياضة المشي لما فيها من فوائد عظيمة تجاه صحة الإنسان خاصة في مثل هذه الأجواء.
بمشاركة “شرشال نيوز” حطّ المعنيون الرّحال نهار هذا السبت 28 ديسمبر بغابات أعالي البلج بتيبازة، وعلى مسافة 15 كلم جابوا مسالكها وطرقاتها بين الأشجار والأحجار، استجابة لتوجيهات الاسم معروف بولاية تيبازة والصديق المقرّب للفقيد “عمر نفسي”، ويتعلق الأمر بالموسوعة وصديق الطبيعة ومكوّناتها “عبد القادر سرحان”، في خرجة ربيعية عرفت أصغر مشارك “العرباوي مصطفى”، فصال وجال مع الكبار وأخذ عشرات الصور للأماكن التي تخطف الأنظار، بل ونال ثناء وتقدير الجميع لقدرة تحمّله رغم طول هذا المضمار الجبلي مقارنة بصغر سنّه، إلا انه أبدى سعادة كبيرة بتواجده مع الفريق العاشق للبيئة البحرية والغابية، وانطلاقا من قرية “تالين” بتيبازة مرورا بسيدي مسند و ازراوين واحشادين، مضمار جبلي للراجلين تخللته محطات نقاش مفتوح حول واقع السياحة الجبلية، والتي تشتكي في السنوات الأخيرة امتداد أياد الفساد نحوها بالرمي العشوائي للنفايات الصلبة من أتربة وغيرها، فكانت الصور والمشاهد مؤسفة، خاصة بعدما عصفت نيران موسم الاصطياف الماضي بالغطاء النباتي الأخضر، تاركة ورائها رمادا بقي شاهدا إلى يومنا على جرائم يتحمّل الإنسان مسؤوليتها بشكل مباشر.
الرحلة تواصلت بتواصل المشي وسط الغابة بأعالي البلج بتيبازة، طبيعة رقصت على أنغام وألوان ربيعها قبل الأوان، في يوم أشرقت فيه شمس أزاحت الغيوم واخرجت الطيور لتحلق في سماء بيئتها، تبادل للأفكار والمعلومات المتعلقة بالنباتات، وتوقف أمام أحد الينابيع المهيئة بطريقة ملفتة للانتباه، قبل أن يستقر بهم الحال للغداء بإحدى المساحات الخضراء، وبكثير من الصور التذكارية التي سيحتفظون بها للذكرى، وعينهم على مضامير جبلية أخرى بولاية تيبازة يريدون الوصول إليها، لا لشيء سوى للراحة والابتعاد عن المدينة، فتعلّقهم الشديد بالطبيعة جعلهم يسخّرون لها ألبسة وأحذية وحقائب خاصة بهذه الخرجات الرائعة، أشخاص جمعتهم البيئة رغم بعدهم عن بعضهم البعض (تيبازة، البليدة، المدية..)، ومع نهاية كل رحلة تجدهم يفكّرون لضبط برنامج آخر يقضي بالنزول إلى منطقة جبلية مغايرة، وقد تكون خلال أيام بجبال بوهلال أعالي قوراية أو واد جراح بسيدي سميان، لتبقى هذه الرحلات بابا من أبواب نشر الثقافة البيئية، وفرصة لتشجيع السياحة الجبلية لدى المواطنين باعتبارها “رياضة..صحّة ومتعة لا متناهية”.
سيدعلي هرواس